فصل: قال محيي الدين الدرويش:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الصرف:

(56) {التقوى}: هو عوض من المصدر المؤوّل في البناء للمجهول أي أهل لأن يتّقى.. اهـ.

.قال محيي الدين الدرويش:

(74) سورة المدّثر صلى الله عليه وسلم مكيّة، وآياتها ستّ وخمسون.
بِسْمِ اللّهِ الرّحْمنِ الرّحِيمِ

.[المدثر: الآيات 1- 31]

{يا أيُّها الْمُدّثِّرُ (1) قُمْ فأنْذِرْ (2) وربّك فكبِّرْ (3) وثِيابك فطهِّرْ (4) والرُّجْز فاهْجُرْ (5) ولا تمْنُنْ تسْتكْثِرُ (6) ولِربِّك فاصْبِرْ (7) فإِذا نُقِر فِي النّاقُورِ (8) فذلِك يوْمئِذٍ يوْمٌ عسِيرٌ (9) على الْكافِرِين غيْرُ يسِيرٍ (10) ذرْنِي ومنْ خلقْتُ وحِيدا (11) وجعلْتُ لهُ مالا ممْدُودا (12) وبنِين شُهودا (13) ومهّدْتُ لهُ تمْهِيدا (14) ثُمّ يطْمعُ أنْ أزِيد (15) كلاّ إِنّهُ كان لِآياتِنا عنِيدا (16) سأُرْهِقُهُ صعُودا (17) إِنّهُ فكّر وقدّر (18) فقُتِل كيْف قدّر (19) ثُمّ قُتِل كيْف قدّر (20) ثُمّ نظر (21) ثُمّ عبس وبسر (22) ثُمّ أدْبر واسْتكْبر (23) فقال إِنْ هذا إِلاّ سِحْرٌ يُؤْثرُ (24) إِنْ هذا إِلاّ قول الْبشرِ (25) سأُصْلِيهِ سقر (26) وما أدْراك ما سقرُ (27) لا تُبْقِي ولا تذرُ (28) لواحةٌ لِلْبشرِ (29) عليْها تِسْعة عشر (30) وما جعلْنا أصْحاب النّارِ إِلاّ ملائِكة وما جعلْنا عِدّتهُمْ إِلاّ فِتْنة لِلّذِين كفرُوا لِيسْتيْقِن الّذِين أوتُوا الْكِتاب ويزْداد الّذِين آمنُوا إِيمانا ولا يرْتاب الّذِين أوتُوا الْكِتاب والْمُؤْمِنُون ولِيقول الّذِين فِي قُلوبِهِمْ مرضٌ والْكافِرُون ما ذا أراد اللّهُ بِهذا مثلا كذلِك يُضِلُّ اللّهُ منْ يشاءُ ويهْدِي منْ يشاءُ وما يعْلمُ جُنُود ربِّك إِلاّ هو وما هِي إِلاّ ذِكْرى لِلْبشرِ (31)}

.اللغة:

{الْمُدّثِّرُ} لابس الدثار وهو ما فوق الشعار أي الثوب الذي يلي الجسد وأصله المتدثر أدغمت التاء في الدال كما تقدم في المزمل أي المتلفف بثيابه عند نزول الوحي عليه، روي عن جابر رضي اللّه عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «كنت على جبل حراء فنوديت يا محمد إنك رسول اللّه فنظرت عن يميني ويساري فلم أر شيئا، فنظرت فوقي فإذا به قاعد على عرش بين السماء والأرض، يعني الملك الذي ناداه، فرعبت ورجعت إلى خديجة فقلت: دثروني دثروني فنزل جبريل وقال: {يا أيها المدثر}».
{الرُّجْز} بكسر الراء وهي قراءة الجمهور وقرأ حفص ومجاهد والسلمي وغيرهم بضمها فقيل هما بمعنى واحد يراد بهما الأصنام والأوثان، وقيل: الكسر لتبيين النقائض والفجور والضم لضمين أساف ونائلة وقال الحسن كل معصية والمعنى في الأمر اثبت ودم على هجره لأنه صلى الله عليه وسلم كان بريئا منه، وقال النخعي الإثم، وقال القتبي: العذاب أي اهجر ما يؤدي إليه، وأخذ به الزمخشري قال: {والرجز} بالكسر والضم وهو العذاب ومعناه اهجر ما يؤدي إليه من عبادة الأوثان وغيرها من المآثم. والمعنى الثبات على هجره لأنه كان بريئا منه. وفي القاموس الرجز بالكسر والضم القذر وعبادة الأوثان والشرك. والزاي منقلبة عن السين والعرب تعاقب بينهما والمعنى واحد.
{النّاقُورِ} النقر الصوت قال الشاعر:
أخفضه بالنقر لما علوته ** ويرفع طرفا غير خاف غضيض

والناقور فاعول منه كالجاسوس مأخوذ من التجسس والمراد هنا الصور وهو القرن.
{ومهّدْتُ لهُ تمْهِيدا} التمهيد في الأصل التسوية والتهيئة ويتجوز به عن بسط المال والجاه، قال في الكشاف: وبسطت له الجاه العريض والرياسة في قومه فأتممت عليه نعمتي المال والجاه.
{عبس} يعبس عبسا وعبوسا قطب وجهه وبابه جلس والعبس ما يبس في أذناب الإبل من البعر والبول.
{بسر} بسر يبسر بسرا وبسورا إذا قبض ما بين عينيه كراهية للشيء واسود وجهه منه وبابه دخل ويقال وجه باسر أي منقبض أسود وقال الراغب: البسر استعجال الشيء قبل أوانه نحو بسر الرجل حاجته: طلبها في غير أوانها، وماء بسر: متنأول من غدير قبل سكونه، ومنه قيل للذي لم يدرك من الثمر بسر وقوله تعالى: {عبس وبسر} أي أظهر العبوس قبل أوانه وقبل وقته فإن قيل: فقوله تعالى: {ووجوه يومئذ باسرة}. ليس يفعلون ذلك قبل الوقت وقد قلت إن ذلك فيما يقع قبل وقته قيل أشير بذلك إلى حالهم قبل الانتهاء إلى النار فحص لفظ البسر تنبيها على أن ذلك مع ما ينالهم منه يجري مجرى التكليف ومجرى ما يفعل قبل وقته ويدل على ذلك قوله: {تظن أن يفعل بها فاقرة}.
{سقر} اسم من أسماء جهنم وهو ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث.
{لواحةٌ} محرقة لظاهر الجلد وهي بناء مبالغة وفيها معنيان أحدهما من لاح يلوح أي ظهر أي أنها تظهر للبشر وثانيهما وهو الأرجح أنها من لوحه أي غيّره وسوّده، وعبارة الزمخشري: لواحة من لوح الهجير قال:
تقول ما لاحك يا مسافر ** يا ابنة عمي لاحني الهواجر

قيل تلفح الجلد لفحة فتدعه أشد سوادا من الليل والبشر عالي الجلود.

.الإعراب:

{يا أيُّها الْمُدّثِّرُ قُمْ فأنْذِرْ وربّك فكبِّرْ} تقدم إعراب {يا أيها المدثر} في {يا أيها المزمل}، و{قم} فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت {فأنذر} عطف على {قم}. وقال الزجاج: إن الفاء في فكبر دخلت على معنى الجزاء كما دخلت في {فأنذر} قال ابن جني: هو كقولك زيدا فاضرب أي زيدا اضرب فالفاء زائدة. والوأو عاطفة و{ربك} مفعول به مقدم والفاء رابطة لشرط مقدر يقتضيه السياق كأنه قيل وأيا ما كان فلا تدع تكبيره ونحوه قولك زيدا فاضربه، قال النحاة تقديره تنبه فاضرب زيدا فالفاء جواب الأمر إما على أنه مضمن معنى الشرط وإما على أن الشرط بعده محذوف على الخلاف الذي فيه عندهم، و{كبر} فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت.
{وثِيابك فطهِّرْ} الوأو عاطفة و{ثيابك} مفعول مقدم والفاء تقدم القول فيها قريبا، وطهر فعل أمر.
{والرُّجْز فاهْجُرْ} عطف أيضا على ما تقدم.
{ولا تمْنُنْ تسْتكْثِرُ} الوأو عاطفة و{لا} ناهية و{تمنن} فعل مضارع مجزوم بلا و{تستكثر} فعل مضارع مرفوع وفاعله مستتر تقديره أنت والجملة نصب على الحال أي ولا تعط مستكثرا، وقرئ مجزوما على أنه جواب النهي أو على البدلية من {تمنن} والتقدير على جعله جوابا للنهي أي أنك إن لا تمنن بعملك أو بعطيتك تزدد من الثواب لسلامة ذلك من الإبطال بالمن على حد قوله تعالى: {لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى} ووجه الإبدال أنه كقوله تعالى: {ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب}، وفي قراءة من جزم بدلا من قوله يلق وكقول الشاعر:
متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا ** تجد حطبا جزلا ونارا تأججا

{و لِربِّك فاصْبِرْ} الوأو عاطفة و{لربك} متعلقان باصبر.
{فإِذا نُقِر فِي النّاقُورِ} الفاء للتسبيب والعلة كأنه قال اصبر على أذاهم فبين أيديهم يوم عسير يلقون فيه مغبة أذاهم وتلقى فيه عاقبة صبرك، وإذا ظرف لما يستقبل من الزمن وهو متعلق بما يدل عليه الإشارة في قوله: {فذلك} لأنه إشارة إلى النقر ويجوز أن يتعلق بما دل عليه {عسير} ولا يعمل فيه {عسير} نفسه لأن الصفة لا تعمل فيما قبلها والتقدير اشتد الأمر وعسر، و{نقر} فعل ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل مستتر تقديره هو أي إسرافيل. والجملة في محل جر بإضافة الظرف إليها و{في الناقور} متعلقان بـ: {نقر}.
{فذلِك يوْمئِذٍ يوْمٌ عسِيرٌ} الفاء رابطة لجواب إذا وذلك مبتدأ والإشارة إلى وقت النقر و{يومئذ} بدل من ذلك وبني لإضافته إلى غير متمكن وهو إذ والتنوين عوض عن جملة أي يوم إذ نفخ في الصور، و{يوم} خبر المبتدأ و{عسير} نعت.
{على الْكافِرِين غيْرُ يسِيرٍ} {على الكافرين} متعلقان بـ: {عسير} و{غير يسير} نعت ثان ل {يوم}.
وللزمخشري تعليل طريف قال: فإن قلت فما فائدة قوله: {غير يسير} و{عسير} مغن عنه؟
قلت لما قال: {على الكافرين} فقصر العسر عليهم قال غير يسير ليؤذن بأنه لا يكون عليهم كما يكون على المؤمنين يسيرا هنيا ليجمع بين وعيد الكافرين وزيادة غيظهم وبشارة المؤمنين وتسليتهم ويجوز أن يراد أنه عسير لا يرجى أن يرجع يسيرا كما يرجى تيسير العسير من أمور الدنيا.
{ذرْنِي ومنْ خلقْتُ وحِيدا} {ذرني} فعل أمر والنون للوقاية والفاعل مستتر تقديره أنت والياء مفعول {ومن} الوأو للمعية و{من} مفعول معه ويجوز أن تكون الوأو عاطفة و{من} معطوفة على المفعول في {ذرني} وجملة {خلقت} صلة الموصول والعائد محذوف أي خلقته، و{وحيدا} حال من العائد المحذوف أو حال من ضمير النصب في {ذرني} أو من التاء في {خلقت} أي خلقته وحيدا لم يشركني في خلقه أحد فأنا أهلكه ولا أحتاج إلى نصير، قيل الأول أولى لأن المراد به الوليد بن المغيرة المخزومي والد خالد بن الوليد لأنه كان يزعم أنه وحيد قومه في رياسته ويساره وتقدمه في الدنيا وليس في ذلك ما يقتضي صدق مقالته لأن هذا لقب شهر به وقد يلقب الإنسان بما لا يتصف به وقيل هو عام.
{وجعلْتُ لهُ مالا ممْدُودا} عطف على ما تقدم و{له} متعلقان بمحذوف هو المفعول الثاني و{مالا} هو المفعول الأول و{ممدودا} نعت وقيل هو ما كان للوليد بمكة والطائف من الزروع والضروع والتجارة.
{وبنِين شُهودا} عطف على مال قيل كان للوليد عشرة أولاد ذكور أو سبعة وهم الوليد بن الوليد وخالد وعمارة وهشام والعاص وقيس وعبد شمس، أسلم منهم ثلاثة خالد وهشام وعمارة ونقل عن ابن حجر في الإصابة: أن عمارة مات كافرا وذكر بدله الوليد بن الوليد فهم خالد وهشام والوليد. و{شهودا} نعت لنبين جمع شاهد بمعنى حاضر فهم يشهدون مع أبيهم الأندية والمجتمعات.
{ومهّدْتُ لهُ تمْهِيدا} عطف على ما تقدم و{له} متعلقان بـ: {مهدت} و{تمهيدا} مفعول مطلق.
{ثُمّ يطْمعُ أنْ أزِيد} {ثم} حرف عطف للترتيب مع التراخي وفيه استبعاد واستنكار بطمعه وحرصه وتهالكه على زيادة المال والنعمة و{يطمع} فعل مضارع مرفوع معطوف على {جعلت} و{مهدت} وفاعله مستتر تقديره هو وأن وما في حيزها في تأويل مصدر منصوب بنزع الخافض متعلق بـ: {يطمع} أي يطمع في الزيادة على ما ذكر من المال والبنين والتمهيد.
{كلّا إِنّهُ كان لِآياتِنا عنِيدا} {كلا} ردع وزجر له لقطع رجائه وطمعه وتهالكه، وإن وما بعدها جملة تعليلية للردع لأن معاندة آيات المنعم مع وضوحها وكفرانها مع شيوعها من موبقات النفس وموجبات الحرمان وإن واسمها وجملة {كان} خبرها واسم كان مستتر تقديره هو و{لآياتنا} متعلقان بـ: {عنيدا} و{عنيدا} خبرها والعين الجاحد والمعرض والمجانب للحق والهدى ويجمع على عند.
{سأُرْهِقُهُ صعُودا} السين حرف استقبال وأرهقه فعل مضارع وفاعل مستتر ومفعول به أول وصعودا مفعول به ثان لأن أرهقه متضمن معنى أكلفه، والصعود في اللغة العقبة الشاقة وإذا لم يتضمن أرهقه معنى أكلفه كانت صعودا في موضع نصب بنزع الخافض أي سأعنته بمشقة وعسر.
{إِنّهُ فكّر وقدّر} تعليل لاستحقاقه هذا الوعيد الآنف الذكر وإن واسمها وجملة {فكر} خبر {وقدر} عطف على {فكر}. روي أن الوليد حاجّ أبا جهل وجماعته من قريش في أمر القرآن وقال: (إن له لحلأوة وإن أسفله لمفرقه وإن فرعه لجناه وإنه ليحطم ما تحته وإنه ليعلو وما يعلى) ونحو هذا الكلام فخالفوه وقالوا: هو شعر فقال: واللّه ما هو بشعر وقد عرفنا الشعر هزجه وبسيطه قالوا فهو كاهن قال: واللّه ما هو بكاهن لقد رأينا الكهان قالوا: هو مجنون قال: واللّه ما هو بمجنون لقد رأينا المجنون وخنقه قالوا: هو سحر قال: أما هذا فيشبه أنه سحر ويقول أقوال نفسه وروي غير ذلك بما لا يخرج عن هذه المعاني مما يرجع إليه في المطولات.
(فقُتِل كيْف قدّر) الفاء عاطفة وقتل فعل ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل مستتر تقديره هو ومعناه لعن وقيل غلب وقهر، قال امرؤ القيس:
وما ذرفت عيناك إلا لتضربي ** بسهميك في أعشار قلب مقتل

أي مذلل مقهور بالحب. فإذا كان معناه لعن فالجملة دعائية وإذا كان معناه غلب وقهر فالجملة معطوفة على ما تقدم وكيف اسم استفهام منصوبة على الحال من الضمير في {قدر} والمقصود من الاستفهام التعجب من تقديره وتوبيخه والاستهزاء به.
{ثُمّ قُتِل كيْف قدّر} {ثم} حرف عطف للترتيب والتراخي وأتي بها للدلالة على أن هذه الجملة أبلغ من الجملة الأولى فهي للتفأوت في الرتبة وهي مؤكدة لنظيرتها المتقدمة فالتكرار للتأكيد.
{ثُمّ نظر} {ثم} حرف عطف أيضا للترتيب مع التراخي أي نظر في وجوه الناس مغضبا مما قالوه فيه وهو أنه صبأ ومال إلى محمد.
{ثُمّ عبس وبسر} عطف أيضا أي ثم قطب وجهه ثم تشأوس وتخازر مستكبرا.
{ثُمّ أدْبر واسْتكْبر} عطف أيضا أي أدبر عن الإيمان وتكبر عن اتباع النبي فهو عطف مسأو في المعنى. فقال: {إِنْ هذا إِلّا سِحْرٌ يُؤْثرُ} الفاء عاطفة و{إن} نافية و{هذا} مبتدأ و{إلا} أداة حصر و{سحر} خبر وجملة {يؤثر} صفة لـ: {سحر} أي منقول عن السحرة.
{إِنْ هذا إِلّا قول الْبشرِ} هذه الجملة تأكيد للجملة السابقة أي ملتقط من أقوال الناس. {سأُصْلِيهِ سقر} السين حرف استقبال وأصليه فعل مضارع وفاعل مستتر تقديره أنا ومفعول به أول و{سقر} مفعول به ثان والجملة كلها بدل من قوله: {سأرهقه صعودا}.
(و ما أدْراك ما سقرُ) الوأو عاطفة و{ما} اسم استفهام في محل رفع مبتدأ و{أدراك} فعل ماض وفاعل مستتر تقديره هو ومفعول به أول والجملة خبر {ما} أي أيّ شيء أعلمك، و{ما} اسم استفهام مبتدأ و{سقر} خبره والجملة سادة مسد المفعول الثاني لـ: {أدراك} المعلقة عن العمل بالاستفهام وقد مرّ نظيره في الحاقة.
{لا تُبْقِي ولا تذرُ} الجملة حالية والعامل فيها معنى التهويل والتعظيم لأمرها لأن الاستفهام بقوله: {ما سقر} للتعظيم فالمعنى استعظموا سقر في هذه الحال و{لا} نافية و{تبقي} فعل مضارع وفاعله مستتر تقديره وهي و{تذر} عطف على {تبقي} ومفعول {تبقي} و{تذر} محذوف أي لا تبقي ما ألقي فيها ولا تذره بل تهلكه ولك أن تجعلها جملة مستأنفة.
{لواحةٌ لِلْبشرِ} {لواحة} خبر لمبتدأ محذوف و{للبشر} متعلقان بـ: {لواحة} والجملة حال ثانية وقرئت {لواحة} بالنصب على الحال فقيل هي حال من {سقر} وقيل هي حال من الضمير في {لا تبقي} وقيل من الضمير في {لا تذر} واختار الزمخشري نصبها على الاختصاص للتهويل.
{عليْها تِسْعة عشر} الجملة حال ثالثة أو مستأنفة كما تقدم في {لواحة للبشر} و{عليها} خبر مقدم و{تسعة عشر} جزءان عدديان مبنيان على الفتح في محل رفع مبتدأ مؤخر، وسيأتي المزيد من معنى هذا العدد في باب البلاغة.
{وما جعلْنا أصْحاب النّارِ إِلّا ملائِكة} الوأو استئنافية والكلام استئناف مسوق للرد على أبي الأشد به كلدة بن خلف الجمحي قال ابن عباس: لما نزلت هذه الآية: {عليها تسعة عشر} قال أبو جهل لقريش: ثكلتكم أمهاتكم محمد يخبر أن خزنة النار تسعة عشر وأنتم الشجعان أفيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا بواحد منهم؟ فقال أبو الأشد: أنا أكفيكم منهم سبعة عشر: عشرة على ظهري وسبعة على بطني وأكفوني أنتم اثنين فنزلت. {وما} نافية و{جعلنا} فعل ماض وفاعل و{أصحاب النار} مفعول به أول و{إلا} أداة حصر و{ملائكة} مفعول به ثان أي ما جعلناهم رجالا من جنسكم تغالبونهم وإنما جعلناهم ملائكة لا يطاقون.
{وما جعلْنا عِدّتهُمْ إِلّا فِتْنة لِلّذِين كفرُوا} الوأو عاطفة {وما} نافية و{جعلنا} فعل ماض وفاعل و{عدتهم} مفعول به و{إلا} أداة حصر و{فتنة} مفعول به ثان على حذف مضاف أي سبب فتنته وليست مفعولا من أجله كما يتوهم، و{للذين} متعلقان بـ: {فتنة} وجملة {كفروا} صلة الموصول.
{لِيسْتيْقِن الّذِين أوتُوا الْكِتاب ويزْداد الّذِين آمنُوا إِيمانا} اللام لام التعليل ويستيقن فعل مضارع منصوب بأن مضمرة جوازا بعد لام التعليل وهو متعلق بـ: {جعلنا} الثانية لا بـ: {فتنة} لأن الفتنة ليست معلولة للاستيقان بل المعلول جعل العدة سببا لفتنة الذين أوتوا الكتاب، وقيل {ليستيقن} متعلق بفعل مضمر أي فعلنا ذلك ليستيقن، و{الذين} فاعل وجملة {أوتوا الكتاب} صلة و{الكتاب} مفعول {أوتوا} الثاني لأن الوأو نائب فاعل {أوتوا} {ويزداد} عطف على {ليستيقن} و{الذين} فاعل وجملة {آمنوا} صلة و{إيمانا} مفعول به ثان.
{ولا يرْتاب الّذِين أوتُوا الْكِتاب والْمُؤْمِنُون} الوأو عاطفة و{لا} نافية و{يرتاب الذين} فعل مضارع وفاعل وجملة {أوتوا} الكتاب صلة {والمؤمنون} عطف على {الذين}.
{ولِيقول الّذِين فِي قُلوبِهِمْ مرضٌ والْكافِرُون ما ذا أراد اللّهُ بِهذا مثلا} عطف على ما تقدم واللام لام التعليل و{الذين} فاعل و{في قلوبهم} خبر مقدم و{مرض} مبتدأ مؤخر والجملة صلة {الذين} و{ماذا} اسم استفهام في محل نصب مفعول مقدم لـ: {أراد} و{بهذا} متعلقان بـ: {أراد} و{مثلا} حال من هذا أي حال كونه مشابها للمثل، ولك أن تجعل ما اسم استفهام مبتدأ وذا اسم موصول خبره و{أراد اللّه} صلة للموصول وجملة {ماذا أراد} إلخ مقول القول.
{كذلِك يُضِلُّ اللّهُ منْ يشاءُ ويهْدِي منْ يشاءُ} {كذلك} نعت لمصدر محذوف يضل إضلالا مثل ذلك و{اللّه} فاعل {يضل} و{من} مفعوله وجملة {يشاء} صلة والعائد محذوف و{يهدي من يشاء} عطف على الجملة السابقة.
{وما يعْلمُ جُنُود ربِّك إِلّا هو} الجملة مستأنفة.
{وما هِي إِلّا ذِكْرى لِلْبشرِ} الوأو عاطفة و{ما} نافية و{هي} ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ والضمير يعود إلى {سقر} و{إلا} أداة حصر و{ذكرى} خبر و{للبشر} متعلقان بـ: {ذكرى}.